هل البروكلي مصنوع من قبل الإنسان؟

نعم، البروكلي هو نبات تم تطويره عن طريق التدخل البشري عبر عملية تُعرف بالتربية الانتقائية. نشأ البروكلي من نبات يُعرف بالكرنب البري أو براسيكا أوليراسيا، وهو نبات بريّ كان ينمو طبيعيًا في منطقة البحر الأبيض المتوسط منذ حوالي القرن السادس قبل الميلاد. في هذه الفترة، بدأ المزارعون في المناطق الساحلية لشرق البحر المتوسط في تربية هذا النبات بعناية لتحسين بعض الصفات المرغوبة، مثل حجم الأزهار وسيقانها، مما أدى في النهاية إلى ظهور البروكلي الذي نعرفه اليوم.

كيف نشأ البروكلي؟

يُعتبر البروكلي جزءًا من عائلة براسيكا أوليراسيا، التي تضم نباتات أخرى تطورت بنفس الطريقة من الكرنب البري، بما في ذلك القرنبيط، والملفوف، والكرنب الأجعد (الكالي)، وكرنب بروكسل (الكرنب الصغير). وتُظهر الأدلة أن البروكلي ظهر كنوع مستقل من هذه العائلة في إيطاليا خلال القرن السابع عشر، حيث كانت أولى عمليات زراعته المعروفة تهدف إلى تحسين شكل السيقان ونمو الزهور، مما جعله ينتشر كخضار مفيد ومغذي.

ما هي التربية الانتقائية؟

التربية الانتقائية هي عملية زراعية يتم من خلالها اختيار النباتات ذات الخصائص المطلوبة، مثل الحجم أو الطعم أو القدرة على تحمل المناخات المختلفة، ليتم إعادة زراعتها وتكاثرها. وتُعد هذه العملية طريقة قديمة تم استخدامها منذ آلاف السنين. وللتوضيح، فإنّ جميع أنواع البروكلي التجارية المتوفرة اليوم هي نتاج لعمليات تربية وانتقاء استغرقت قرونًا من التطوير، ما يعكس تفاني الأجيال في تحسين خصائص هذا النبات البري.

فوائد البروكلي المدعومة علميًا

يعد البروكلي من أكثر الخضروات المغذية، وقد أظهرت الأبحاث أن له فوائد صحية متنوعة. وفيما يلي بعض الفوائد التي أُثبتت علميًا، مدعومة بأرقام وإحصاءات:

1. دعم جهاز المناعة: يحتوي البروكلي على نسبة عالية من فيتامين C، حيث يحتوي كل 100 غرام من البروكلي الخام على حوالي 89.2 ملغ من فيتامين C. وقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة هلسنكي أن الأشخاص الذين يستهلكون كميات كافية من فيتامين C يتمتعون بنظام مناعي أقوى، ما يساعدهم في تقليل مدة الإصابة بالزكام بنسبة 8-14% (Douglas, R. M., Hemilä, H., Chalker, E., & Treacy, B. (2007). Vitamin C for preventing and treating the common cold. Cochrane Database of Systematic Reviews, (3). DOI:10.1002/14651858.cd000980).

2. الوقاية من السرطان: يحتوي البروكلي على مركبات الغلوكوسينولات التي تتحول عند الهضم إلى مركبات فعّالة مضادة للسرطان، مثل السلفورافان. وقد أظهرت أبحاث أجريت في جامعة جونز هوبكنز عام 1992 أن هذه المركبات تقلل من خطر نمو الخلايا السرطانية، خاصة في القولون والرئة، وتُشير بعض التقديرات إلى أن الاستهلاك المنتظم للبروكلي يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة تصل إلى 30% (Zhang, Y., Talalay, P., Cho, C. G., & Posner, G. H. (1992). A major inducer of anticarcinogenic protective enzymes from broccoli: Isolation and elucidation of structure. Proceedings of the National Academy of Sciences, 89(6), 2399–2403. DOI:10.1073/pnas.89.6.2399).

3. صحة القلب: يحتوي البروكلي على نسبة كبيرة من الألياف والبوتاسيوم والمغنيسيوم، مما يجعله مفيدًا لصحة القلب. وقد وجدت دراسة أجريت في 2008 أن الألياف الموجودة في البروكلي تساهم في خفض مستويات الكوليسترول الضار LDL بنسبة تصل إلى 6% عند تناوله بانتظام، مما يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين (O'Keefe, J. H., Gheewala, N. M., & O'Keefe, J. O. (2008). Dietary strategies for improving post-prandial glucose, lipids, inflammation, and cardiovascular health. Journal of the American College of Cardiology, 51(3), 249-255. DOI:10.1016/j.jacc.2007.10.038).

4. تحسين صحة الجهاز الهضمي: يحتوي البروكلي على نسبة عالية من الألياف، حيث تحتوي كل 100 غرام منه على حوالي 2.6 غرام من الألياف. وقد أظهرت الأبحاث أن الألياف تعزز صحة الجهاز الهضمي وتساعد في تحسين حركة الأمعاء، مما يقلل من خطر الإصابة بالإمساك. كما تساهم الألياف في تحسين بيئة الأمعاء عن طريق تعزيز نمو البكتيريا النافعة، وقد أشارت الأبحاث إلى أن تناول البروكلي يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 10-15% عند تناوله بانتظام (Slavin, J. L. (2013). Fiber and prebiotics: Mechanisms and health benefits. Nutrients, 5(4), 1417-1435. DOI:10.3390/nu5041417).

خاتمة

باختصار، البروكلي هو نتيجة لقرون من العمل الزراعي الإبداعي الذي قام به الإنسان لتحويل نبات بري إلى طعام مغذي وصحي. وبفضل مكوناته الغنية بالعناصر الغذائية وأهميته لصحة القلب، الجهاز المناعي، والجهاز الهضمي، يُعتبر البروكلي من الأطعمة التي تساعد في تعزيز صحة الإنسان. تشير الأبحاث إلى فوائد البروكلي المتعددة، مما يجعله خيارًا غذائيًا ممتازًا لمن يسعى إلى نمط حياة صحي ومتوازن.